رؤية حزب التحرير للخروج من الأزمة الاقتصادية
من مخرجات المؤتمر السنوي لحزب التحرير سّنة 2022
- الأزمة الاقتصاديّة في تونس ليست من قبيل الأزمات العابرة إنّما هي أزمة هيكليّة شملت جميع القطاعات الاقتصاديّة
- ولا يمكن تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي بمعزل عن بقية أنظمة الإسلام التي تجمعها دولة الخلافة الراشدة؛
- تعطي الدولة من ملكيتها للفقراء دون الأغنياء منعاً لتداول الثروة بين الأغنياء.
….. من مخرجات المؤتمر السنوي لحزب التحرير الذي خصّصه سّنة 2022 ليُقدّم البديل الاقتصاديّ الإسلاميّ،.
رؤية حزب التحرير للخروج من الأزمة الاقتصادية
عقد حزب التحرير ولاية تونس يوم السبت 26 من ذي القعدة 1443هـ الموافق 25/06/2022 م مؤتمرَ الخلافة السّنويّ الذي خصّصه ليُقدّم البديل الاقتصاديّ الإسلاميّ، وشارك في المؤتمر مجموعة من السّياسيين والخبراء وأصحاب الفكر والرأي ليعرضوا (الرؤية الاقتصاديّة لحزب التحرير) التي تتنزّل ضمن مشروع حضاري متكامل أساسه العقيدة الإسلامية وفروعه أنظمة الإسلام في الدولة والمجتمع.
ولقد عرض المؤتمرون إلى الأزمة الماليّة والاقتصادية الحالية، أسبابها العامّة والخاصّة وآثارها على المجتمع والأفراد، وبحثوا عقم المعالجات المطروحة في الواقع الآن، وأنها لا تقارب حقيقة المشكلة ومستقبل على ضوء انهيار نظام الاقتصاد الرأسمالي. وقد خلص المؤتمرون للآتي:
حقيقة الأزمة: أسبابها العامّة والخاصّة:
الأزمة الاقتصاديّة في تونس ليست من قبيل الأزمات العابرة إنّما هي أزمة هيكليّة شملت جميع القطاعات الاقتصاديّة، وتمتدّ جذورها إلى الأزمة الاقتصاديّة العالميّة بسبب تبعيّة تونس للدّول الغربيّة، وسبب الأزمة العامّ هو بطلان المبدأ الرأسمالي وفساد عقيدته (فصل الدين عن الحياة)، وأنظمته للحياة، ومنها نظام الاقتصاد. ويظهر ذلك فيم يلي:
تصوير المشكلة الاقتصادية بأنها الندرة النسبية للسلع والخدمات (الثروة)، وليس التوزيع العادل لهذه الثروة.
اعتماد الاقتصاد الرأسمالي على الربا.
فساد النّظام النّقدي العالمي الذي أقصى الذهب والفضة عن النقد، وجعل الدّولار أساس النقد العالمي.
الحصر الخاطئ للملكيّات؛ الذي تفرّع إلى قطاع خاصّ (الملكية الخاصة) وقطاع عامّ (ملكية الدولة)، وحقيقتها ثلاثة أنواع: ملكية عامة وملكية دولة وملكية خاصة.
أمّا السّبب الخاصّ الذي عقّد المشكل الاقتصادي في تونس فهو تبعيّتها للغرب في كلّ شيء ومنها السياسات الاقتصاديّة التي يمليها المستعمرون حتّى تحوّلت سياسات الحكومة إلى نسخة منقولة عن بيانات صندوق النّقد الدّولي وتقاريره.
معالجات الحكومة و”خبرائها” للأزمة هي إعادة توليد للأزمة:
المعالجات التي تطرحها السّلطة في تونس وخبراءها، اتّخذت من الفكر الرأسمالي أساسا، فكانت هي الأزمة والمشكل. قالوا بأنّ المشكل في تونس هو خلق الثّروة، وخلق الثّروة يحتاج إلى تمويل واستثمار، ولمّا كانت البلاد مفلسة، فلا مناص من التّمويل الخارجي عن طريق صندوق النّقد الدّولي ومشتقّاته، ولا مناص من الاستثمار الخارجيّ وإدخال الشّركات الرأسماليّة الكبرى وتيسير استثمارها بإزالة القوانين التي تُعيق عملها وربحها.
لقد كانت حلول السلطة والأحزاب العلمانيّة والخبراء خرّيجي المدرسة الرأسماليّة، هي سبب أزمة تونس، فهي التي جعلتها في تبعيّة كاملة للدّول الاستعماريّة، وهي التي أبّدت أمراض الرأسماليّة المزمنة في بلادنا فهي التي فاقمت المديونيّة، وجعلت ثروات تونس منهوبة، وعطّلت النّموّ وأعاقت قطاعات حيويّة كالفلاحة، والصّناعة والتّجارة، وأبدلتنا قطاعات هامشيّة كالسّياحة، وهاته الحلول هي التي زادت من نسب البطالة والفقر، كما أنّ ارتباط الدّينار بالعملات الأجنبيّة، هو الذي جعل قيمته في انحدار حتّى يكاد يفقدها.
وأخطر ما في الأمر أنّ السّلطة وخبراءها يريدون ربط تونس بالغرب، وأصرّوا على استبعاد الإسلام وأحكامه فتجاهلوا تماماً نظاماً قاد البشرية قروناً طويلة، عاش الناس في ظله في بحبوحة العيش وفي أمن وطمأنينة، كانت قوافل الزكاة تجوب البلاد بحثاً عن فقير واحد ليأخذ الزكاة فلا تجده، في حين أن الفقر اليوم في تونس يكاد يشمل الجميع إلّا قلّة من أصحاب المصالح.
الاقتصاد في الإسلام: رؤية أصيلة وأحكام عادلة هي وحدها التي تُخرجنا من الأزمة:
لقد حرص حزب التّحرير حرصا على إظهار عظمة أحكام الإسلام في معالجة الناحية المالية والاقتصادية حتى يتبيّن الناس أنّ الحلّ للخروج من ظلم الرأسمالية المتحكّمة وأنظمتها الفاسدة هو إعادة الإسلام إلى سدّة الحكم حتى نملك أمرنا ونعالج مشاكلنا الاقتصادية بناء على أحكام الإسلام الشرعيّة التفصيليّة التي تُعيد إلينا سيادتنا على ثرواتنا وتمنع الفقر.
ودولة الخلافة حين تُطبّق أحكام الإسلام لن تشهد المشاكل الاقتصادية العصرية كالمديونية والبطالة والتضخم، ولن يكتنفها الفساد والاستغلال والطبقية، ولن يُكتنز فيها المال ويهرب. ولن تُفرض فيها الضرائب الظّالمة على رعيتها.
إنّ مؤتمرنا هذا دعوة صادقة يُوجّهها حزب التحرير إلى الأهل في تونس، حتّى يستشرفوا حياة جديدة آمنة مطمئنة في ظل النظام الاقتصادي الإسلامي، الذي تطبقه دولة الخلافة الراشدة الثانية، التي أظلّ زمانها، وذلك لعدالة الاقتصاد الإسلامي ودولته الذي يتجلى في الآتي:
دولة الخلافة دولة رعاية لا دولة جباية، وتشمل هذه الرعاية المسلمين وغيرهم من رعايا الدولة.
ضمان إشباع الحاجات الأساسية لجميع التّابعين للدّولة فردا فردا، وتمكينه من إشباع حاجاته الكمالية.
تحريم الربا لأنّه ماحقٌ للمال في بيت مال المسلمين دائرة تتولى الإقراض دون ربا. تساعد في تمويل المشاريع الإنتاجيّة في القطاعات الحيويّة للاقتصاد، الفلاحة والصّناعة والتّجارة
القطع الفوري لكلّ مظاهر التّبعيّة للغرب المستعمر.
المديونيّة هي أبرز مظهر للتّبعيّة، فهي ديون ظالمة غايتها تأبيد استعمار تونس
التوقّف الفوري عن دفع الدّيون الظّالمة إلى حين التّدقيق فيها، وإن بقي علينا شيء من ديون فندفع أصولها دون ربا.
النقد في الإسلام ذهب وفضة وأوراق نائبة عنها.
المناجم بأنواعها والنفط والغاز وصنوف الطاقة كلها ملكيات عامّة، ويوزع ريعها على أفراد الرعية عيناً وخدمات. ولا يجوز تمليكها لأفراد أو شركات. ولذلك يجب إلغاء كلّ عقود الامتيازات (نفط، غاز، فوسفاط، ملح…).
التّوجّه المباشر إلى إحداث الثورة الصّناعيّة، بإيجاد الصّناعات الثّقيلة…
تعطي الدولة من ملكيتها للفقراء دون الأغنياء منعاً لتداول الثروة بين الأغنياء.
محاسبة الموظفين بشدة إذا استغلوا وظيفتهم اقتصادياً، وذلك منعاً للفساد.
خاتمة:
نخلص في ختام بياننا هذا عن المؤتمر الاقتصادي والذي بحث الأزمة الاقتصادية والماليّة في تونس، إلى أنّ الحلّ يكمن في النظام الاقتصادي الإسلامي الذي نقول عنه إنّه الأصيل الذي أُبعد وليس البديل، باعتباره أحكاماً أنزلها ربّ العالمين، خالق البشر أجمعين، الذي يعلم ما يصلح مخلوقاته (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)
ولا يمكن تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي بمعزل عن بقية أنظمة الإسلام التي تجمعها دولة الخلافة الراشدة؛ التي توفر عبر النظام الاقتصادي الإسلامي للناس كل الناس حياة اقتصادية آمنة عادلة خالية من المشاكل والأزمات.
ولقد صاغ حزب التحرير النظام الاقتصادي في دولة الخلافة القادمة على أساس الإسلام، ونظامه القادم سينعكس على كافة مناطق العالم في زمن ذابت فيه الحدود والفواصل التي كانت تقيّد تفاعلات المجتمعات والكيانات في الزمن الماضي.
الأستاذ خبيب كرباكة، رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير/ولاية تونس